
قد نربط مرض السكري عادةً بارتفاع نسبة السكر في الدم، أو بضرورة الامتناع عن الحلويات، أو حتى بالمضاعفات الشهيرة مثل مشاكل العيون والكلى. لكن هناك مشكلة خفية وخطيرة لا يشعر بها المريض في البداية… حتى تتفاقم فجأة:
تأثير السكري على الأوعية الدموية الدقيقة في القدم.
هذه المشكلة تُعد من أكثر أسباب الإصابة بالقدم السكرية، وقد تكون طريقًا مؤديًا إلى البتر إن لم تُكتشف مبكرًا.
كيف يؤثر السكري على الأوعية الدموية؟
مرض السكري المزمن يؤدي مع الوقت إلى تغييرات عميقة في الأوعية الدموية، خاصة الصغيرة منها، مثل تلك الموجودة في أصابع القدم والكعب.
تشمل هذه التأثيرات:
- تصلب الشرايين الصغيرة نتيجة تراكم الدهون والمواد الالتهابية.
- ضعف مرونة الأوعية، مما يُقلل من قدرتها على التوسع.
- بطء تدفق الدم، وبالتالي نقص الأوكسجين المُغذي للأنسجة.
ونتيجة لذلك، تُصبح القدم أكثر عرضة للجروح والقرح، وتُصبح قدرة الجسم على الالتئام أضعف.
لماذا لا يشعر المريض بالألم أحيانًا؟
من الأمور المخادعة في حالة القدم السكرية أن بعض المرضى لا يشعرون بأي ألم، حتى لو كانت المشكلة خطيرة.
ويعود ذلك إلى:
- الاعتلال العصبي السكري: وهو تلف الأعصاب بسبب ارتفاع السكر لفترات طويلة، ما يؤدي إلى ضعف الإحساس.
- في هذه الحالة، قد يُصاب المريض بجرح أو قرحة دون أن يشعر، وتبدأ العدوى في التفاقم بصمت.
وهنا يكمن الخطر الحقيقي… فبينما يظن المريض أن كل شيء طبيعي، قد يكون هناك تقرّح في القدم، التهاب عميق، أو حتى بداية غرغرينا.
العلامات التي يجب عدم تجاهلها:
- برودة القدم أو تغير لون الجلد (إلى الأزرق أو البنفسجي).
- جروح لا تلتئم خلال أسبوعين.
- ألم في الساق عند المشي يزول بالراحة (علامة على انسداد شرياني).
- فقدان الإحساس أو التنميل في القدم.
- تشقق الجلد أو ظهور رائحة غير معتادة.
ما الحل؟ ومتى نتدخل؟
يؤكد الأستاذ الدكتور أيمن عبد الفتاح – رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية والقسطرة الطرفية بكلية الطب – جامعة عين شمس:
“أغلب حالات البتر تبدأ بجرح صغير لم يُعالج في الوقت المناسب.
والتدخل المبكر يمكن أن يمنع تطور 90٪ من الحالات الخطيرة.”
خطوات التعامل الطبي الصحيح:
- تشخيص دقيق للأوعية الدموية عبر دوبلر أو أشعة تداخلية.
- توسيع الشرايين الضيقة بالقسطرة الطرفية (دون جراحة).
- إزالة الأنسجة الميتة وتنظيف الجروح إن وُجدت.
- خطة علاج متكاملة تشمل طبيب الأوعية، وجرّاح القدم السكري، والعلاج الطبيعي.
دور القسطرة الطرفية:
القسطرة الطرفية تُعد من الحلول الحديثة والفعالة في علاج انسداد شرايين القدم، حيث يمكن:
- فتح الشرايين الضيقة أو المسدودة باستخدام بالونات دقيقة.
- تركيب دعامات للحفاظ على تدفق الدم.
- كل ذلك من خلال فتحة لا تتعدى 2 مم، وبدون جراحة مفتوحة.
وتُجرى هذه التدخلات تحت إشراف فريق متخصص في الأشعة التداخلية وجراحة الأوعية، كما هو الحال في مركز الأستاذ الدكتور أيمن عبد الفتاح.
كلمة أخيرة:
لا تنتظر حتى يظهر الألم، فالأخطر في السكري أنه يصمت طويلًا، ثم ينفجر في صورة قرحة أو فقدان قدم.
افحص قدميك بانتظام، ولا تتردد في استشارة طبيب مختص إن لاحظت أي تغيّر.
فالوقاية، في هذه الحالة، لا تحمي القدم فقط… بل قد تحمي الحياة كلها.
نبذة عن الأستاذ الدكتور أيمن عبد الفتاح:
الأستاذ الدكتور أيمن عبد الفتاح هو أستاذ جراحة الأوعية الدموية والقسطرة الطرفية بكلية الطب جامعة عين شمس. حصل على بكالوريوس الطب من جامعة عين شمس عام 1993، ثم نال درجة الماجستير في الجراحة عام 1998، والدكتوراه في الجراحة عام 2001. كما حصل على زمالة جامعة بريست في فرنسا عام 2007، وزمالة كلية الجراحين الملكية في لندن عام 2008. شغل عدة مناصب أكاديمية وإدارية، وهو حاليًا رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية بكلية الطب جامعة عين شمس.
تابعونا على صفحتنا لمعرفة كل جديد