
انتفاخ الساق المفاجئ هل هو علامة خطيرة ؟ في بعض الأحيان، نصحو من النوم أو نعود من يوم عمل طويل لنجد إحدى ساقينا قد انتفخت فجأة دون سبب واضح. قد يُظن أن الأمر بسيط، مجرد إرهاق أو شد عضلي، لكن الحقيقة أن انتفاخ الساق المفاجئ هو علامة لا يجب الاستهانة بها، خاصة إن كان مصحوبًا بألم أو تغير في لون الجلد.
في هذا المقال، نلقي الضوء على أحد أهم أسباب هذه الحالة: الجلطة الوريدية العميقة (DVT)، ولماذا تُعد من الحالات الطارئة التي تتطلب تدخلاً سريعًا.
ما هي الجلطة الوريدية العميقة؟
الجلطة الوريدية العميقة تعني تكوُّن خثرة دموية داخل أحد الأوردة العميقة في الجسم، وغالبًا ما تحدث في أوردة الساق أو الفخذ. على عكس الأوردة السطحية التي نراها تحت الجلد، فالأوردة العميقة مسؤولة عن نقل معظم الدم العائد من الساقين إلى القلب، وبالتالي فإن انسدادها يُسبب خللاً كبيرًا في الدورة الدموية.
لماذا تحدث الجلطة؟
أسباب تكون الجلطات كثيرة، منها ما هو متعلق بنمط الحياة، ومنها ما يرتبط بحالات طبية معينة. أبرز الأسباب:
- الجلوس أو الراحة لفترات طويلة: السفر الطويل، الجلوس لساعات أمام الحاسوب، أو الراحة بعد العمليات الجراحية.
- زيادة الوزن أو السمنة.
- الحمل أو فترة ما بعد الولادة.
- استخدام حبوب منع الحمل أو أدوية الهرمونات.
- أمراض السرطان أو أمراض الدم التي تزيد من التجلط.
- تاريخ سابق للإصابة بجلطة.
الأعراض التي يجب الانتباه لها:
الجلطة قد تبدأ بصمت، ولكن هناك علامات مميزة لا يجب تجاهلها:
- انتفاخ مفاجئ في الساق (غالبًا في ساق واحدة فقط).
- ألم أو ثقل في الساق، يزداد مع الوقوف أو المشي.
- سخونة في الجلد فوق الوريد المصاب.
- احمرار أو تغير لون الساق إلى الأزرق أو البنفسجي.
- في بعض الحالات: ظهور أوردة سطحية بشكل واضح.
إذا لاحظت أي من هذه العلامات، فلا تنتظر أن “يخف الألم مع الوقت”، بل توجه فورًا للطبيب.
ما الخطر الحقيقي؟
الخطر الأكبر للجلطة العميقة هو احتمال انتقال جزء من الخثرة عبر الدم إلى الرئتين، فيما يُعرف بالانسداد الرئوي. هذه الحالة قد تُسبب:
- ألم حاد في الصدر
- ضيق في التنفس
- تسارع في ضربات القلب
- وحتى الإغماء أو الوفاة المفاجئة في الحالات الشديدة
لذلك فإن سرعة التشخيص والعلاج ضروريان لإنقاذ الحياة.
كيف يتم التشخيص؟
الطبيب سيبدأ بالفحص الإكلينيكي للساق، ثم قد يطلب بعض الفحوص مثل:
- دوبلر الوريدي (موجات فوق صوتية على أوردة الساق)
- تحليل D-dimer لقياس وجود تجلط في الدم
- أشعة مقطعية على الرئتين إذا كانت هناك أعراض تنذر بجلطة رئوية
العلاج: ما بعد التشخيص
بمجرد تأكيد التشخيص، يبدأ العلاج فورًا، ويشمل:
- مضادات التجلط (أدوية تمنع تكوّن جلطات جديدة وتُذيب القديمة تدريجيًا)
- ارتداء الجوارب الضاغطة لتحسين الدورة الدموية
- الراحة المؤقتة ثم الحركة المنتظمة لتقليل احتمالية حدوث مضاعفات
- في بعض الحالات الشديدة: تدخل جراحي أو قسطرة لإزالة الخثرة
كيف نحمي أنفسنا؟
الوقاية دائمًا أفضل من العلاج، ويمكن تقليل فرص حدوث الجلطات باتباع هذه الخطوات:
- تجنب الجلوس الطويل، وأخذ فترات راحة للحركة
- اشرب كميات كافية من الماء يوميًا
- مارس الرياضة بانتظام
- راقب وزنك وتجنب السمنة
- استشر الطبيب إذا كان لديك تاريخ عائلي للجلطات
كلمة أخيرة:
انتفاخ الساق المفاجئ قد لا يكون عرضًا بسيطًا كما يظنه البعض، بل قد يكون أول إنذار بحالة صحية خطيرة. تجاهله قد يكلّف حياتك، لكن الانتباه له قد ينقذك من مضاعفات خطيرة.
إذا لاحظت أي من هذه العلامات، لا تؤجل الاستشارة الطبية. فالتعامل المبكر مع الجلطة هو الطريق لتفادي مضاعفاتها الخطيرة، والحفاظ على سلامتك.
نبذة عن الأستاذ الدكتور أيمن عبد الفتاح:
الأستاذ الدكتور أيمن عبد الفتاح هو أستاذ جراحة الأوعية الدموية والقسطرة الطرفية بكلية الطب جامعة عين شمس. حصل على بكالوريوس الطب من جامعة عين شمس عام 1993، ثم نال درجة الماجستير في الجراحة عام 1998، والدكتوراه في الجراحة عام 2001. كما حصل على زمالة جامعة بريست في فرنسا عام 2007، وزمالة كلية الجراحين الملكية في لندن عام 2008. شغل عدة مناصب أكاديمية وإدارية، وهو حاليًا رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية بكلية الطب جامعة عين شمس.
تابعونا على صفحتنا لمعرفة كل جديد