
في زحمة الحياة اليومية، قد يتجاهل البعض جرحًا صغيرًا في القدم. قد يبدو بسيطًا، غير مؤلم أحيانًا، ويظن البعض أنه سيلتئم مع الوقت. لكن الحقيقة أن بعض الجروح البسيطة قد تكون رسائل تحذيرية من الجسم، خاصة عندما تستمر لفترة طويلة دون شفاء. هذه الحالة تُعرف طبيًا باسم “القرحة المزمنة” أو “القرحة غير الملتئمة”، وهي ليست مجرد مشكلة جلدية، بل قد تكون مؤشرًا على وجود مشكلات أعمق في الجسم، وبالتحديد في الأوعية الدموية.
ما الفرق بين الجرح العادي والقرحة المزمنة؟
الجرح العادي يلتئم خلال أيام أو أسابيع قليلة، حسب حجمه وعمقه وصحة الشخص العامة. أما الجرح الذي يستمر أكثر من أسبوعين دون تحسن واضح، أو يظهر عليه علامات التهاب أو يتكرر في نفس المكان، فهذا ما يُقلق الأطباء.
بعض المرضى، خصوصًا مرضى السكري، يواجهون هذه المشكلة باستمرار. السبب؟ أن أجسامهم قد لا تستطيع إيصال الدم بكفاءة إلى الأطراف، مما يعني ضعف في التئام الجروح.
لماذا القدم بالذات؟
القدم من أكثر المناطق عرضة للقرح المزمنة، والسبب يعود لعدة عوامل:
- ضعف الدورة الدموية: نتيجة مشكلات في الشرايين الطرفية.
- الاعتلال العصبي السكري: الذي يُفقد المريض الإحساس بالقدم، فلا يشعر بالجرح أصلًا.
- الضغط الزائد على مناطق معينة من القدم: بسبب الأحذية غير المناسبة أو المشي غير المتوازن.
متى يكون الجرح علامة خطر؟
إليك بعض العلامات التي لا يجب تجاهلها:
- استمرار الجرح أكثر من أسبوعين دون تحسن.
- تغير لون الجلد حول الجرح (أحمر داكن أو مزرق).
- خروج إفرازات غير طبيعية.
- رائحة كريهة من الجرح.
- ظهور علامات التهاب: سخونة، ألم، تورم.
- شعور بالتنميل أو فقدان الإحساس في المنطقة المصابة.
كل هذه علامات قد تشير إلى وجود مشكلة في الأوعية الدموية أو الأعصاب، وتستدعي تقييمًا طبيًا سريعًا.
ما علاقة الأوعية الدموية بالموضوع؟
كل جرح يحتاج إلى تدفق دم كافٍ لتوفير الأوكسجين والمغذيات التي تساعد على التئامه. لكن في بعض الحالات، تتضيق الشرايين أو تُسد، كما يحدث في حالات تصلب الشرايين أو انسداد الشرايين الطرفية، ما يقلل من كمية الدم الواصلة للقدم.
هنا تصبح الجروح مشكلة حقيقية، لأنها ببساطة لا تجد “الوقود” الذي تحتاجه للشفاء.
من هم الأكثر عُرضة للإصابة بالقرح المزمنة؟
- مرضى السكري
- مرضى ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول
- المدخنين
- كبار السن
- من لديهم تاريخ لأمراض الشرايين أو جلطات سابقة
- أصحاب الوزن الزائد
كيف يتم التشخيص؟
إذا كان الجرح لا يلتئم، يجب زيارة طبيب مختص في الأوعية الدموية أو القدم السكري. سيقوم الطبيب بفحص الجرح بدقة، وقد يطلب بعض الفحوص مثل:
- دوبلر الشرايين: لفحص تدفق الدم في الأطراف.
- تحاليل الدم: للكشف عن وجود التهابات أو ضعف مناعة.
- قياس الضغط داخل الشرايين الطرفية.
ما هو العلاج؟
يعتمد على سبب القرحة:
- في حالات ضعف الدورة الدموية: قد يحتاج المريض إلى توسيع الشرايين باستخدام القسطرة أو الجراحة.
- في حالات العدوى: تُستخدم مضادات حيوية موضعية أو فموية.
- تنظيف الجرح والعناية الموضعية: باستخدام غيارات خاصة وأحيانًا أجهزة تفريغ.
- العلاج بالأكسجين عالي الضغط: في بعض الحالات الصعبة.
هل يمكن الوقاية؟
نعم، ويمكن اختصار الوقاية في هذه النقاط:
- فحص القدم يوميًا، خاصة لمرضى السكري.
- ارتداء أحذية طبية مريحة.
- الحفاظ على نظافة القدم وترطيبها.
- ضبط السكر والضغط والكوليسترول.
- المتابعة الدورية مع طبيب الأوعية أو القدم السكري.
كلمة أخيرة:
الجرح المزمن مش دايمًا مشكلة بسيطة. أحيانًا بيكون علامة على خلل داخلي أكبر محتاج تدخل سريع. لا تستهين بأي جرح، خاصة لو كنت من الفئات المعرضة للخطر. وكل يوم تأخير في العلاج، ممكن يزود المشكلة ويصعّب الشفاء.
تابع معنا في المقال القادم من سلسلة “علامات ما ينفعش تتجاهلها”، ونتكلم عن: “انتفاخ الساق المفاجئ.. هل هو جلطة؟”
تابعونا على صفحتنا لمعرفة كل جديد